السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عندما أعلن عن God Of War 2018 لأول مرة في 2014 كنت كالجميع لم أتمالك أعصابي خصوصاً مع الطريقة المذهلة التي تم بها الإعلان ، أعني تلك المقدمة الموسيقية المدهشة والتي بالطبع تمكنت من مفاجئتنا جميعاً ، ولكن مع إقترابنا من موعد الصدور ومع ظهور المزيد من المعلومات عنها بدأت أفقد إيماني بها ، أو على الأقل أخذ حذري -وهذا لأني شخصياً قد فوجئت بألعاب لا ترتقي لمستوى الـhype عدة مرات – ولكن كل هذا الحذر والتشكك طار من أقرب نافذة مع أول ثانيتين فاللعبة وأول مشهد فيها تحديداً وهو الذي سخر منه الجميع – وسنعود للحديث عن اللقطات والمشاهد المختلفة بعد قليل.
لذا ما سأتحدث عنه اليوم ليس مراجعة للعبة ويمكنك أن تتوقع بعض الـSpoilers هنا او هناك لذا فقد تم تحذيرك إن لم تنهيها بعد ، وشخصياً أرى بأننا يجب أن نكون شاكرين لهذه اللعبة ولـ Cory Barlog و ليس لآن اللعبة جيدة او ممتعة ولكن لأنها اللعبة الكاملة ، لا يوجد أي جانب تم إغفاله أو وضعه بطريقة كسولة ليعطيك عمراً إضافياً وهمياً ، كل لحظة ستمضيها داخل هذه اللعبة ستشعر بأنها مستحقة وبأن اللعبة لازال لديها المزيد لتقدمه لك، حتى تصل إلى تلك اللحظة التي تنتهي فيها اللعبة فعلاً وبوصولك لهذه اللحظة ستشعر بأنك لم تكتفي بأنك تريد المزيد منها ، ولكن هذا الجوع والشوق للمزيد أفضل بكثير من أن تترك اللعبة في منتصفها لأنك فقدت إهتمامك بها .

في العادة عندما نقيم لعبة ما أو حتى نتحدث معها مع أصدقائنا نبدأ بتفكيك اللعبة إلى قطع صغيرة ونتحدث عن كل قطعة منفصلة وربما يسري هذا أيضاً على معظم الأعمال الفنية وأعتقد أن المطورين والمخرجين يتعاملون مع ألعابهم بنفس المنطق ، هم ينظرون إلى الأجزاء الصغيرة من ألعابهم بشكل منفصل فينظرون إلى أسلوب اللعب بعيداً عن القصة وبعيداً عن رسوميات اللعبة وبعيداً عن المحتوى الإضافي الخاص بها بل حتى بعيداً عن التمثيل والأداء الصوتي للممثلين ، الألعاب القليلة التي تهتم بهذه الأمور والمخرجين الذين يتعاملون مع اللعبة كأنها منتج كامل كل جزء منه يكمل الآخر يقدمون لنا ألعاباً فنية عظيمة وتظل في ذاكرتنا لأوقات طويلة و لعبة God of War 2018 هي واحدة من هذه الألعاب.
وهي واحدة من هذه الألعاب وليست الوحيدة ، لذا فإن ما قدمته اللعبة ليس غريباً علينا فقد رأيناه مسبقاً بل إنه لفترة من الزمن كان الأمر الطبيعي وما يجب أن نتوقعه من أي لعبة تصدر ورأيناه في العصر الحديث ( الفترة من عشرة إلى خمسة عشر عاماً مضت ) مع عدة ألعاب على رأسها The Last Of us و The Witcher 3 وخصوصاً وتحديداً The legend of zelda ، ربما عندما بدأ كوري كتابته للعبة والعمل عليها كان لديه فكرة واحدة رئيسية تسيطر عليه وجعلها تسيطر على كافة جوانب تطوير اللعبة بدايةً من القصة وإنتهاءاً بتصوير اللعبة والـCinmatography الخاص بها ، وما قدمه للحق مبهر فقد جمع عدة عوامل من ألعاب لا علاقة لها ببعضها البعض ليخيطها معاً في منتج واحد متناسق ، كل ما ستراه او ستقوم به في اللعبة وكل عوامل اللعب وخلافها يخدمون هدفاً واحداً وهو أن تشعر بذلك الإحساس الذي ستشعر به مع نهاية اللعبة وخاتمة القصة ، هذه الخاتمة يمكن ان نطلق عليها خاتمة بالمعنى الحرفي والأدبي للكلمة فكل لحظة في اللعبة بدايةً من وفاة Feya يبني ويضيف قطعة صغيرة لهذا الإكتشاف الكبير .

في الأعلى قلت السينماتوجرافي والإخراج السينمائي للعبة وهو أقل ما يمكن أن أصف به هذه اللعبة ، وهذا الإخراج يخدم هدف اللعبة ويحاول أن يوصل لك أحد أهم معاني اللعبة وهي أن كريتوس لم يعد الأسبراطي الغاضب الصغير الذي سيواجه آلهته وأساطيره كلها والذي سيتحدى كل ظروف العقل والمنطق ليفوز بهذا التحدي ، بل أصبح إلهاً كبيراً في الحجم والسن إلهاً رافض لكل ما ورثه عن أجداده وأب خائف على طفله الصغير من ان يقع في نفس أخطاءه وأن يتحول إلى الشيء الذي يكرهه ، ربما لهذا السبب وقع في حب زوجته الجديدة وربما لهذا السبب ظهر التأثر عليه في الكثير من المشاهد ومقاطع اللعبة ، هذا التأثر الذي دفعه في النهاية للذهاب لأقصى الأراضي ليتمكن من تحقيق أمنيتها الأخيرة والذي جعل ملامحه تعلوها الصدمة مع نهاية اللعبة ، كل هذا ستفهمه وستشعر به من خلال الإخراج السينمائي ، فبينما كانت الأجزاء الماضية تعتمد على إظهار صغر حجم كريتوس وضعفه أثناء مواجهته للأعداء أو الـ Boss fights – كما قلنا لتخدم إحساس التحدي وتيمته المسيطرة سابقاً – فالجزء الجديد يعتمد على إظهار قوة كريتوس وان كل أعداءه وإن كانوا في حجمه أو اكبر فإنه قادر على هزيمتهم وتحطيمهم دون عناء ، كما أن هذه الرحلة ليست رحلة لهدف معين بل هي رحلة روحية وفلسفية قبل أن تكون جسدية وعنيفة ، هنا ستشاهد بعينك التحول الذي سيحدث للشخصيات لجميع الشخصيات وأقرب لها أتريوس العنيد الساذج مع بداية اللعبة وصورته في نهاية اللعبة وهو الشخص الذي إكتسب قدرات قتالية وحكمة قتال ستساعد والده .
إخراج اللعبة ينافس أفضل الأفلام السينمائية ويتغلب عليها
ربما تظن أن هذا التحول سيكون واضحاً من المشاهد السينمائية الكيبرة والـ Cut-scenes ولكنه يظهر أكثر ويكون أكثر وضوحاً في الأحاديث الصغيرة التي يتبادلها كريتوس مع اتريوس أثناء رحلتهم أو حتى مع ميمير ، هذه الأحداث الصغيرة والجانبية هي البطل الحقيقي والذي يستحق كل الثناء في اللعبة ، اللحظات التي ترى كريتوس يرجع يده فيها ويتوقف عن إحتضان طفله وخوفه الحقيقي عليه الذي سيدفعه لمواجهة أكثر أعداءه وأشرسهم ، كل هذا معاً سيخدم تلك اللحظة في النهاية.

ولكن أنا متأكد من أن الكثيرين تحدثوا عن كل هذه النقاط واعطوها قدرها من النقد والتبجيل ، Cory Barlog تمكن من صنع لعبة تهتم بأدق وأصغير التفاصيل بقدر إهتمامها بالتفاصيل الكبيرة والأمور العملاقة ، وضع قلبه وعقله واستثمر الكثير من نفسه في تطوير هذه اللعبة حتى تخرج علينا بالمستوى الذي رأيناه ، ولهذا رأينا بارلوج في فيديو وهو يذرف الدموع من فرحته بالنجاح الباهر الذي حققته اللعبة ، وكل هذا النجاح مستحق وعالم الألعاب أعطاه حقه كاملاً وأعطاه قدره من التقييم والتبجيل ، تمكنت لعبة God of war من بيع أكثر من 3 مليون نسخة بعد يومين فقط من إنطلاقها لتصبح أسرع لعبة تباع على منصة الـps4 على الإطلاق ولتتمكن من تحقيق نجاح لم تحققه أي لعبة تشبهها سابقاً ، وأتوقع أنها قبل أن تكمل عامها الأول ستبيع أكثر من 10 مليون نسخة وهو رقم خارق لأن هذه لعبة صدرت على منصة واحدة في نهاية عمرها تقريباً ، هذا النجاح يمثل أكثر من أموال لسوني هذا النجاح دليل على أنهم يجب أن يكملوا في هذا الطريق وهو رسالة واضحة وصريحة لأي منتج ومخرج يظنون أن إستخدام السياسات المالية المشبوهة وخدمات الاونلاين المشبوهة هو الطريق الوحيد للنجاح – وهي رسالة لطالما تكررت من ألعاب كثيرة ولكن ربما لم تكن بهذا الوضوح والشراسة من قبل – وهي قبل أي شيء رسالة شكر من 3 مليون شخص للمخرج والفنان العظيم الذي تمكن من إخراج هذا العمل للنور والذي وضع جزءاً كبيراً من حياته وقلبه وعقله في هذه اللعبة.
شكراً Cory Barlog على هذه الرحلة المذهلة
إرسال تعليق